دخل أكثم إلى غرفته، فوجد ألعابه مفكّكة متناثرة.
-من فعل هذا؟! لابدّ أنّها أسماء، فهي لا يهمّها إلاّ شرب الحليب من الرّضّاعة، وتفكيك لعبي، آه.. ماذا أفعل؟
وقف أكثم حائراً، حكّ جبينه بإصبعه، وراح يفكّر بحل.
فجأة.. خطرت له فكرة.
اقترب من الدّيك ذو الذّيل الملوّن، أمسكه بلطف، وقال باسماً:
-ديك.. ما رأيك بالسّباحة، مؤكّد أنّك عرقان، فالجوّ حار، لا تشغل بالك، لن تغرق، سأضع لك رأس بطّتي، إنّها تسبح بمهارة ورشاقة.
وخلال ثوانٍ، كان للدّيك الملوّن، رأس أبيض ذو منقار عريض.
نظر الدّيك إلى أكثم غاضباً، صاح:
-واك.. واك، أريد رأسي، أنا لا أستطيع العيش بلا عرف أنا لا أهوى السّباحة، هوايتي إيقاظ النّائمين، واك.. واك.
ضحك أكثم، وراح يتأمّل ألعابه من جديد.
كان الأرنب هو الاختيار الثّاني، فقد انتزع ذيله الصّغير الذي يشبه جوزة القطن، وثبّت مكانه ذيل الثّعلب الطويل.
-افرحْ، هذا يسمّى ذيلاً، هيّا.. ارفع رأسك، وفاخر به رفاقك.
نصب الأرنب أذنيه محتجّاً، وقال:
-أريد ذيلي، أنا لا أستطيع القفز، ذيل الثّعلب كبير، أحسّ أنّني أجرّ ورائي عربة ثقيلة.
لم يستمع أكثم لكلام الأرنب، لقد أعجبته اللعبة، ها هو يمدّ يده صوب الكلب الجّاثم في ظل العربة.
أحسّ هذا بالخطر، لكنّه لم يتمكّن من الاختباء.
-آه يا كلبي العزيز، ما رأيك في أن أضع لك رقبة طويلة، لترى ما وراء السّور؟ إنّها ستساعدك على الحراسة.
نبح الكلب غاضباً، لكنّ نباحه لم يحمه من وضع رقبة الزّرافة له.
انقلب أكثم على ظهره من شدّة الضحك، حين نظر إلى حيواناته قائلاً:
-ها.. ها، لقد شكّلت حيوانات عجيبة، لا مثيل لها في الدّنيا.
لم يستطع الكلب صبراً، زمجر في وجه أكثم، وهجم عليه ناسياً أنّ رقبته قد صارت طويلة جداً.
بغتة.. اصطدم رأسه بحافّة الطّاولة الصّغيرة، وسط الغرفة، فانخلعت رقبته، وارتمى أرضاً.
شعر أكثم بغلطه، اقترب من كلبه حزيناً، وشرع يعيد حيواناته إلى وضعها الطّبيعي.
لكنّه.. لحظة انتهائه، فوجئ بها تتركه مبتعدة.
أحسّ أكثم بالوحدة والضجر، جلس جانباً، وراح يفكّر بطريقة لمصالحتها ونيل رضاها.