أسرار في دروب الأقصر
قصة قصيرة :
للدكتور . فكرى جلال
تقديم:
حدثت أحداث تلك القصة في فترة الأربعينيات من القرن الماضي وكانت مخطوطة هذه الحكاية هي عبارة عن وريقات أو مذكرات كتبها محفوظ أفندي وظلت مختبئة إلى أن شاءت الظروف بمحض الصدفة حيث اكتشافها بواسطة حفيده أكثم بعد أن ظلت تلك المذكرات مطوية في جوف الزمن بداخل حقيبة جلدية قديمة في مندرة مهملة فوق سطح بيته الذي بني من الآجر في قرية دندرة بقنا . و لقد تعرفت على " أكثم " حفيد محفوظ أفندي الذي كان ذات يوم أحد تلاميذي النجباء في الجامعة ، ولقد عرف أنني مغرم وتواق إلى معرفة ما قد حدث في ماضينا التليد كما لاحظ أكثم آنذاك أنني أيضا محب ومهتم بصعيد مصر و لقد سمع منى ذات يوم أنني قد أسميت " الأقصر بذات الضياء " و كان ذلك بعد انتهاء أحدى المحاضرات . أتى أكثم في ذلك اليوم إلى مكتبي وكان يحمل في يده مجموعة من الأوراق وبادرنى القول بعد أن حياني بكلمات رقيقة وقال لي مبتسما : دكتور لقد أحضرت لك مذكرات جدي محفوظ افندى أرجوا أن تعجبك هذه المذكرات التى لم يطلع أحدا عليها من قبل وحيانى ثانية ثم انسحب من غرفة المكتب بهدوء جم ، وبعد انصرافه انكببت على فحصها وقرأتها جديدا مرات ... ومرات.
وهذه القصة سوف تروى لنا ما كتبه محفوظ أفندي في مذكراته والتي أسمى جزءها الأول " بلقاء غير مرتقب". و أنني بعد أن أطلعت على تلك الوريقات الهامة أردت أن يطلع عليها القاري العزيز ولكي يعلم أننا في غاية الامتنان لمحفوظ أفندي الذي كتب هذه المذكرات ربما من رؤى تسجيلية فقط ولكنه فى الحقيقة لم يكن يعلم أنه سوف يأتي يوم وسوف تعلن لهذا العدد الكبير من القراء ، فشكرا جزيلا لأكثم حفيده الذي خصني وأطلعني على مذكرات جده واعتقد أنه لم يكن يمانع قط في أن أصيغها في حلقات وأعرض ما كان في الحقيبة من وريقات كتبها جده العظيم محفوظ أفندي وأن يستمتع من يقرأها بتلك المذكرات.
الجزء الأول:
لقاء غير مرتقب
لم يدرى محفوظ أفندي الذي كان جميع أصدقائه ومعارفه ينادونه بهذا اللقب ، فلقد كان هذا اللقب يرضى دخائله كثيرا ويحسسه بنعم الاحترام .
حصل محفوظ أفندي في ذلك اليوم على إجازة من عمله فهو كان يعمل صرافا في مديرية قنا مسقط رأسه وهى المديرية التي تضم أثار الفراعنة العظام ، وربما يكون موقع هذا المكان والأسرار التي تقبع فيه هي أحد الأسباب التي قد أعطته عبقرية المكان ، فهو الذي قد ألهم العقول النيرة من الفراعنة كي يصنعوا فيه بحق حضارة عظيمة قدرها العالم حق تقدير ، وصارت إلى يومنا هذا مكانا متفردا يقصده كل من يحب الثقافة والعلم اليقين فيأتي إليه كي يستزيد منه كل حين .
فحقا لقد شهد الزمان أن مدينة طيبة والأقصر حاليا أنها قد خلبت لب كل حكام مصر الفراعين ، وللحقيقة أن بها ضياء وسحر سرمدي لا يمكن لأي إنسان أن يقاومه ، كما أن بهذا المكان نداء خفي ، فإذا وطأت أقدام أي إنسان فيه وسارت خطوات حتى ولو قلية في دروبه الأزلية ، فان هذا الإنسان حتما سوف يجد نفسه منصاعا إلى أن يأتي إليه مرات ومرات ، كمن يشرب الماء السلسبيل فيجد نفسه بعد برهات ميالا إلى العطش أكثر وأكثر ، لذا فانه سوف يطلب المزيد من هذا المكنون من أجل الارتواء وهيهات أن يرتوي أحدا من مدينة الأقصر وأنا واحدا منهم ، لأنه سوف يظل هكذا يحس بالعطش وسوف يعود إليها ثانية بلا محالة و دوما طلبا للارتواء .
إن في حبيبات تراب الأقصر النيلي ذاكرة يمكنها أن تحدثنا على ما تم وجرى في هذا المكان من آلاف السنين وتلك الذرات الترابية التي اختلطت بحبيبات الرمال بعد أن تآكلت صخور جبالها الشامخة من وهج الشمس المتعافية واتحدت بها ، فان ذاكرتها قد تعافت وحفظت مكنون السنون في ذلك المكان السرمدي ...
إن مهد الحضارة هاهنا في طيبة القديمة ... والأقصر حاليا ... ودعنا الآن نسرد الحكاية :
استقل محفوظ أفندي القطار من محطة مصر وحمل أمتعته وبعض الهدايا لعائلته ووضع كل ذلك على رف علوي فوقه تماما وجلس ينتظر تحرك القطار... ولكن طال انتظاره ..وتمتم بكلمات لنفسه بصوت خفيض وقال : لعل المانع يكون خيرا ، وأخبر بائع الكازوزا والذي كان يطرقع بمفتاح حديدي في يده على إحدى الزجاجات بينما فى يده الأخرى يحمل جردلا معدنيا ممتلئا بالزجاجات المغطاة بقطع الثلج كانت تطفوا عليها وكأنها تطفوا فوق المياه وذلك من أجل أن تثير لعاب من يراها في جو مفعم بالحرارة فيطلب واحدة ..تلو الأخرى كي يزيل عطشه اليقين... وأثناء مرور هذا البائع أخبر من يجلسون في تلك العربة بأن القطار سيتحرك ولكن بعد أن يتم تغيير القاطرة.. فتنفس محفوظ أفندي الصعداء وحمد الله أن القطار سيتجه أخيرا إلى ذويه بعد قليل .. وفعلا لم يمر وقت طويل تحرك بعدها القطار ولكن ببطيء شديد بعد أن أخذ ينفس دخانا كثيفا أعلاه... واستسلم محفوظ أفندي لدعابات النوم بعد أن أطمئن لتحرك القطار فأغمض عينيه واستسلم لنوم عميق ... ربما في تلك الفترة قد رأى أحلاما كثيرة و قد يكون بعض منها مرعبا ، ولكنه فجأة قد استيقظ من نومه فزعا عندما رأى كمسري القطار أمامه يقول له : يا بلديات أنت وصلت خلاص الأقصر ... ودي نهاية خطنا ... يا لا بسرعة أحسن القطر هيدخل الجراج ...
استل محفوظ أفندي بسرعة حاجياته من الرف العلوي ونزل متعجلا من القطار وكان يتمتم بكلمات غير مفهومة... ربما في تلك اللحظات كان يهجوا ذاته لأنه قد نام كل هذه الفترة الطويلة وترك محطته الأصلية... فهو يعرف أن المسافة بين الأقصر و قنا تبلغ نحو ثمانين من الكيلومترات .... والليل قد عسس عليه ... وسأل نفسه هل يا ترى سوف أنتظر في محطة الأقصر كي أعود ثانية إلى قنا !! يا خبر أنه لا توجد قطارات في ذلك الوقت عائدة إلا حينما يلوح الصباح...
جلس محفوظ أفندي على محطة الأقصر وكان الضوء حوله خافتا.... وأحس بالجوع ، و لكن لم تطاوعه نفسه في أن يمد يده على بعض الحلويات التي جلبها معه من القاهرة لذويه ، ولكنه تحدث مع نفسه فقال : سوف أبقى هكذا بدون طعام حتى يحلها حلال ... وأثناء غمرة تفكيره ... تقدم منه صبى يناهز الرابعة عشر ربيعا من عمره ... فحياه وقال له : بوى أنا خائف من وحدتي .. لقد أمسى على الليل بسكونه وأريد أن أعود إلى قريتي ... فنظر إليه محفوظ أفندي واختلج قلبه وقال له : يا ولدى أنا مثلك لقد فاتتنى محطتي وأنا لا اعرف كيف أصل إلى قنا مدينتي الآن ، فقال له الصبي هل أنت من المدينة نفسها أم من جواريها ؟ فرد عليه محفوظ أفندي أنا يا بني من قرية صغيرة بجوار مديرية قنا اسمها قرية دندره هي في غرب النيل وبينها وبين المديرية حوالي ستة كيلو ناحية غرب قنا ، فقال له الفتى : ما يكون عندك فكر يا بوى ... لدينا دوار كبير وبوى راجل مقتدر يعرف يستقبل زواره عال العال ... أرجوك يا بوى تكون ونيسى لأجل ما أرجع لأهلي .. لم يكن لدى محفوظ أفندي شيء يفعله غير تلبية رغبة هذا الصبي فتلك الدعوة وجدها قد حلت له مشكلته ، فقال للصبي ياله بينا ، وورينى الطريق لبيتكم فين ... انفرجت عندئذ أسارير الصبي وقال له : أه من هنه ... الطريق ده هودينا للمركب وهنعدى للبر الغربي لقريتنا القرنه ..
دى فيها أسرار.. وأسرار... وأثناء عبورهم الدروب أحس محفوظ أفندي أن الصبي بدأ يتغير في حجمه ...
الجزء الثاني : لقاء مع الفراعنة
وبدأ صوته يتبدل من صوت صبى إلى صوت رجل يافع ... فبدأ يدب في داخله خوف وقلق شديد سرعان ما تسرب رويدا ... رويدا .. إلى قلبه ... وعندما نظر ثانية إلى الصبي وجد أن ملابسه قد تبدلت إلى ملبس القدماء الفراعنة... فقال له وكان صوته يتحشرج ويخرج من حنجرته بصعوبة بالغة: من تكون أيها الصبي... انك بهذا التبدل قد أرعبتني.. أنني أريد أن أعود إلى بلدتي .. قنا ... فقال له الصبي الذي قد تبدل إلى أحد الفراعنة القدماء: انك لن تعود إليها الآن.. بل ستبقى معنا إلى حين... إننا نريد شخصا مثلك لمهمة خاصة سوف تعرفها عندما نصل إلى وادي الملوك... وسار محفوظ أفندي وكان في تلك اللحظات يجر قدميه ببطيء شديد ، وفجأة ظهر لهما رجلا كان يبدو من هيئته أنه كاهن من عهد الفراعنة ، ونظر نحوه محفوظ أفندي وعرفه من هيئته وملبسه أنه شبيه بصور الكهنة المنقوشة على جدران معبد دندرة بمديرية قنا و الذي يوجد بالقرب من قريته دندره . لقد جذم محفوظ أفندي أنه فعلا كاهن فرعوني ، بالرغم من أن شكوكا كانت تختلج في صدره وتقول له لا تصدق ما ترى ، وأعتقد أنه ربما ما زال يرى حلما أو أن ما يراه و ما يدور حوله هو ليس شيئا حقيقيا ، ولكنه بعد لحظة قد فاء لنفسه وعرف أن هذا الأمر ليس فيه مدعاة للشك فقد صار الصبي فعلا رجلا في غضون دقائق معدودات وان هذا الرجل الذي بدا له هو كاهن لمعبد فرعوني حقيقي ... واقترب الكاهن منه و بادره بترحاب جم وقال له : أهلا بك أيها الملك العظيم ... فنظر محفوظ أفندي إلى جانبه واعتقد أن الكاهن يحدث ملكا فعلا ، ولكنه لم يرى في تلك اللحظة سوى نفسه وشاهد أن الصبي الذي صار رجلا قد أنحنى له تعظيما وإجلالا... فتعجب من ذلك كثيرا .. ونظر إلى ملبسه فوجد أن ملابسه قد تبدلت إلى ملبس الملوك الفراعنة ... واقترب منه الكاهن أكثر وقال له بصوت خفيض : يا مولاي إن البلاد في حاجة ماسة إلى رجاجة عقلك وحكمتك وأنت عليم بأن الأعداء قد قدموا إلينا ، وهم الآن على حافة البلاد ويجب القضاء عليهم ، إن عليك يا مولاي أن توقع هاهنا بخاتمك الملكي حتى يتحرك جيشك المغوار فيقضى على الأعداء .. إن قائد جيشك يا مولاي ينتظر أن تعطيه هذا الأمر بتوقيعك هنا فيسحق جحافلهم ويهزم هؤلاء المعتدين شر هزيمة وبذا ترتاح البلاد وتحظى بنصر عظيم .
فتعجب محفوظ أفندي من حديثه كثيرا وقال لنفسه: ليكن ما يكون أنني سوف أختم هذه البردية... التي طليت من أسفلها بطبقة شمعية ملونة ، فطبع بخاتمه الذي وجده بأحد أصابع يديه على البردية ، وحمل الكاهن البردية وقال له: ليكن النصر حليفك يا مولاي ثم انصرف بعد أن أحنى رأسه وتوارى وراء الظلام الذي كان يغلف المكان.
الجزء الثالث: رحلة الشروق
وجد محفوظ أفندي نفسه مع الصبي الذي قد صار رجل فقال له : ما الذي حدث لي كيف أكون ملك وأنا لست كذلك !!! أرجوك اشرح لي ذلك ... نظر إليه الصبي الذي قد صار رجلا وقال له : انك الآن تعيش حقيقة وليس الخيال ... فقال له محفوظ أفندي: كيف يكون ذلك والفراعنة قد أصبحوا بالنسبة لنا أثرا يتواجد في متاحفنا وفى معابدهم التي تتواجد في كل بقعة من هذا الوادي العظيم ... فقال له الصبي : انك قد قلت إنهم يتواجدون ... انك لم تقل أنهم لا يتواجدون ... وهذا هو السر العظيم ... لم يترك الفراعنة أبدا ذلك المكان الذي رحلوا عنه ... لقد ذهبوا عنه في رحلة الغروب، ولكنهم يأتون إليه كل يوم هاهنا في رحلة الشروق ، إنكم ربما لا ترونهم ، ولكنهم يملكون سر الظهور لو شاءت لهم الأقدار ، أعذرني ... فأنني بالغ الاسف و لم أسالك عن أسمك !!! فنظر محفوظ أفندي إليه متعجبا وقال : أسمى محفوظ أفندي ... فقال الصبي : أنه أسم جميل كان كثير ممن عاشوا في هذه الأرض يطلقونه على الكثير ممن عاشوا هنا ... فتعجب محفوظ أفندي وقال له : ولكنك لم تقل لي أسمك فقال له : أسمى حور محب ... فقال : هل أنت القائد العظيم والملك العظيم الذي حكم هذه البلاد .. فقال له : لا ... إنها مجرد تشابه في الأسماء فأنا من عامة الشعب ولست ملكا ... فقال له محفوظ أفندي : ومتى سوف أعود إلى بلدتي ؟ فقال الصبي : ليس قبل أن تنتصر البلاد ويأتينا الخبر اليقين ... ولكن إن ذلك قد يطول أيام بل سنين ... فقال الصبي : انظر إلى هذه النجمة في السماء لقد تغير لونها وأصبحت خضراء إنها علامة الانتصار .. فقال محفوظ أفندي : حقيقة أنني لم أرى أي تغير في لونها ... فقال له الصبي: إذن فهذا السر أنتم لم تعرفوه.
وبعد لحظات قليلة أتى الكاهن إلى محفوظ أفندي مهرولا وكانت تبدو على وجه علامات السرور والفرحة الغامرة وقال مهللا : يا مولاي لقد انتصرت جيوشك على الأعداء ، إن شعبك الآن يملأ كل ساحات المعابد وإنهم سوف يلتقون بك لتباركهم وتفرح معهم بهذا النصر العظيم، ولكن لدى نبأ حزين ، لقد ضحى قائدك العظيم بنفسه في هذه الحرب الضروس ، إن كل فناني المعابد الآن يسجلون انتصاراتك على جدران المعابد في جداريات خالدة يا مولاي يا له من انتصار عظيم قد عم على النيل العظيم ... اغتبط محفوظ أفندي وشكر الله على انه قد وضع على البردية خاتمه وقد كللت البلاد بهذا الانتصار...وسئل محفوظ أفندي الكاهن وقال له : ومتى سوف أعود إلى بلدتي ؟ فقال له الكاهن : في التو يا مولاي سوف تكون في معبد دندرة العظيم هناك قد تجمع الناس لتحيتك .. وصفق بيديه ... فشاهد محفوظ أفندي أن مركبا كبيرا قد حط أمامه قدميه من الفضاء ... فقال له الكاهن إن هذا المركب هو مركب الشمس قد أعد خصيصا لكي ينقلك إلى حيث تشاء .
الجزء الرابع : حقيقة أم خيال
فقال له محفوظ أفندي هل ما أراه الآن حقيقة أم خيال !! فقال له الكاهن حقيقة وليس من الخيال أرجوك هيا يا مولاي اجلس على هذه الأريكة لأننا سوف ننقلك بها حيثما تشاء... فقال له : أرجوا أن توصلني إلى قريتي دندره ولا شيء غيرها ...و في لحظات قليلة وجد محفوظ أفندي نفسه يقف على مشارف قريته ، وظل بضعة لحظات واقفا شاخصا متعجبا لما قد حدث له ، ووجد أن الكاهن والصبي قد اختفيا وكذلك مركب الشمس الذي أقلته إلى مشارف بلدته على الفور ، ثم نظر إلى يديه وكان ضوء الصباح قد اخترق بقايا الظلام وبدأ يزيلها تماما ونظر فوجد ورقة بردى فبدأ يقرأ ما فيها وكانت المفاجأة بها ....
حضرة المحترم "محفوظ أفندي" ... لقد أديت لنا عملا عظيما لذا فنحن سوف نؤدي لك عمل ربما يكون مشابها له ... نحن نعرف إنكم تبحثون عن ثروة بعض ملوكنا العظماء ... التي سوف يكون أكبر كشف لها على يد فرعون مصري محب لكل تاريخ هذه البلاد ... أننا سوف نذكر لك أنه ربما يكون قد ولد الآن أو يكون مازال صبيا صغيرا ، ولكنه في القريب سوف يصبح له شان عظيم في كشف أسرارنا ...أنه بحب سوف يتقصى ذلك التاريخ الذي هو تاريخ مصر الفرعونية ونحن لذلك سوف نكشف له ذلك المكنون لأنه بحق قد أحبنا ... إن أول الحروف من أسمه
( ز ، ح ) ، يا ... محفوظ أفندي تذكر تلك الحروف إنها سوف تبزغ في سماء مصر عن قريب ، فهو الذي سوف يكتشف خبيئة أسرار الفراعنة العظيمة ....
بعد أن قرأت مذكرات محفوظ أفندي عرفت أنه قد توفى وترك هذه المذكرات التي احضرها لي أكثم حفيده والذي تحدثت معه عن ذلك الصبي الذي كتب أسمه الفراعنة في تلك الورقة فقال لي : أعتقد أنني لا اعرف ... فقلت له مبتسما : ولكنني يا أكثم قد فككت لغزها ... فقال لي متلهفا : ومن يكون يا ترى !! فقلت له
: إن هذه الحروف ( ز، ح ) تعنى " زاهي حواس " انه أحد علماء الأثريات المصري ، ذلك الإنسان المحب لتاريخ أجداده الفراعنة ، أنني على يقين أنه في القريب سوف يصل إلى الخبيئة الكبرى للفراعنة كما تمنى ذلك الصبي الذي تحول إلى رجل .
لم يكتب محفوظ أفندي في مذكراته هل هو فعلا كان يؤمن أن ما حدث له حقيقة أم أن ما شاهده كان شيء من الخيال ... ولكن أحسست أنه قد كتب تلك المذكرات وفى داخله شيء من الريبة مما رآه ... أنني في الحقيقة لست مثله .. فمن أدرانا أن ما حدث له قد يكون حقيقة ، فربما قد تقابل محفوظ أفندي فعلا مع بعض إباءنا الفراعنة في زمن كان هم يحتاجون إلى ملك مثله في مهمة عاجلة قد أداها لهم على خير وجه ، وقد حظوا هم بالانتصار .... إن غرائب الأشياء حقا ربما قد تكون من الأشياء صعبة التصديق ، ولكن ألا توجد بعض الحقائق التي تكون لدى كثير من الناس صعبة التصديق أيضا ...
تمت