السر الخفى
تأليف : د. فكرى جلال
فى صباح أحد الايام ذهب مراون الى بحيرة كانت تقع على مقربة من كوخ كان يعيش فيه مع أبيه وأمه ووالده كان يعمل حطابا فى غابة تبتعد عن كوخهم بضعة أميال وكان يقوم بالسير يوميا منذ الصباح الباكر حتى قرب غروب الشمس ، وكان يتخد طريق الغاب من خلال درب ضيق تحيطة أشجارا متعددة الاشكال والاحجام فيقوم بجمع أعواد الافرع المتساقطة من الاشجار والشجيرات ثم اليوم التالى يقوم ببيعها فى سوق على حافة هذه الغابة . ونأتى للحكاية : فى أحد الأيام اصطحب الحطاب أبنه مرونا ليساعده فى جمع الحطب ، وقاما معا بعمل جاد فلقد جمعا كمية لا باس بها من الحطب ، ونظر الحطاب الى شجرة كبيرة كان يميل أحد فروعها الجافة ويكاد يلامس الارض ، فصعد الى الشجرة وبمساعدة تابور كان معه قام بتخليص هذا الفرع من ساق الشجرة الضخم ، ولكنه انزلق وفقد توازنه وسقط على الارض من ارتفاع كبير فأسرع نحوه مروان وووجده مغشيا عليه واعتقد ان السقطة قد تسببت فى مفارقة والده للحياة ، فحاول اعطاءه بعض الماء الذى كان فى قربة معه ولكنه والده لم يستجب له وظل بجواره يبكى ... ويقول : هيا ياوالدى ..نذهب معا الى ديارنا ... ومضى وقت طويل وقاربت الشمس نحو الأختفاء الازلى ، عنئذ سمع مروان صوت يأتى من بين الاشجار ويقول له : يا بنى لقد توفى والدك هيا بنا نواريه الثرى ، ونظر نحو الصوت فلم يجد أحدا ، ولكن فى ذاك الوقت اختفت جثة ابيه ، وو وجد دليلا أمامه مكتوب عليه هنا يرقد " سليمان الحطاب بسلام " وقبل أن يمسى الليل سار مروان فى الدرب قاصدا كوخه ولكنه وجد بجوار احدى الاشجار نارا فاهتدى اليها ووجد رجلا مسنا يجلس بجوارها فحياه مروان وقال له : نعمت مساء أيها الاب الجليل ، فقال له الرجل المسن ونعمت مساء ايها الفتى الرائع .. فقال له مروان يا والدى لقد فقدت انسانا عزيزا على قلبى منذ لحظات فقال له : هكذا الدنيا يا بنى ... ان والدك رجل كان يعمل بجد وصبر عظيم وأنت سوف تكون من اسعد فتيان هذه المنطقة الرائعة .. فاندهش مروان وقال له : أعتقد أننى فقير ولن تكون لى سعادة ولا فرحة ابدا ، فأننى كنت أعمل مع والدى لاعاشة أمى المريضة والان لقد فقدت والدى وكيف لى أن أطعمها ، فابتسم الرجل المسن وقال له : ماذا تريد يافتى منى لكى اعطيك السعادة التى تريدها ، ان اردت أموالا كثيرة أعطيتك ، وان اردت قصورا فخيمة أجعلك تمتلكها وتقيم فيها ، وان أردت ثراء لا مثيل له وهبتك اياه ... فقال مروان : أيها الرجل الطيب الرحيم أننى لا اريد شيئا من هذا أريد أن أكون مثل والدى حطابا فى هذه الغابة أعمل واشقى وأجمع الحطب ثم ابيعه للاخرين أريد أن أكون عاملا ولا احب أن أعيش فى القصور ، واريد ان تشفى والدتى من مرضها ، فقال له الرجل المسن : أنت يا مروان أول انسان يرفض ما أقدمه له من مال وجاه وأنت فتى قنوع لذا خذ ما اعطيك اياه الان ، هذه القنينة بها الدواء الشافى لوالدتك ، وهذه التفاحة الذهبية ستكون سر نجاحك فحافظ عليها والان وداعا يا بنى ... ونظر مروان هنيهة فوجد ان الرجل المسن قد اختفى .... فوضع التفاحة الذهبية والقنينة فى خرج كان يحمله ثم واصل المسير حتى الدرب الذى به الكوخ ولكنه انبهر كثيرا حينما وجد بيتا جميلا قد اقيم مكانه فتعجب وقال لنفسه: ربما قد ضللت طريقى ولكن سرعان ما انفتح باب البيت ووجد والده ووالدته يناديان عليه : مروان ... هيا يا بنى ... فنظر اليهما ...ووجد الرجل المسن يقف مختبئا وراء شجرة كانت مجاورة له واشار له بيده قائلا له : اذهب اليهما ... ووالدك كان فاقد النطق فقط من السقطة التى حدثت له فى الغابة ولم يمت وقد حملته واعطيته اكسيرا وهو كما تراه قد عاد لصوابه وقد أوهمتك بأنه قد توفى لأعرف مدى صبرك وحكمتك ، ووالدتك قد اعطيتها بلسما شافيا وهى الان قد برأت من مرضها ، هيا يا فتى اذهب اليهما فأنت سوف تكون فى القريب ملك هذه البلاد ولكن حافظ على التفاحة التى معك ففيها خير لك .. ثم اختفى ... وفى تلك الاثناء أسرع مروان الى أبيه وأمه وكان مندهشا ، وربما بعد ذلك قد لهما مروان ما حدث له فى الغابة وهما ايضا ربما قد حكيا له حكاية غريبة .
هذه القصة لم تنتهى بعد ولها بقية [/b]